تحليل خاص | أداء "التانغو" ينذر بتبخر حلم الأرجنتينيين

رغم ضعف المنافس أستراليا إلّا أنَّهم أظهروا ندِّيَّة للأرجنتينيّين، ندِّيَّة تدقّ الكثير من أجراس الإنذار لسكالوني في استكمال هذه البطولة التي تُعتَبَر الفرصة الأخيرة للأرجنتينيّين في ظل وجود ميسي.

تحليل خاص | أداء

(Gettyimages)

ليونيل ميسي، صاحب الـ35 عامًا، قاد الأرجنتين لفوز صعب على المنتخب الأسترالي في ثمن نهائي كأس العالم وضرب موعدًا مع الطَّواحين الهولنديَّة في ربع نهائي البطولة.

هل ما رأيناه من الأرجنتين كاف لتحقيق حلم الأرجنتينيّين الكبير بتتويج ثالث بكأس العالم على الأراضي القطريَّة؟ لماذا عادت الأرجنتين إلى الخلف ولماذا لم يدر سكالوني المباراة؟ من وجهة نظرنا بالطَّريقة المثاليَّة كان يفكِّر أكثر بمباراة هولندا في مرحلة مبكِّرة من المباراة مع أستراليا، وكاد أن يكلفه ذلك الخروج من البطولة.

ليونيل ميسي، في المباراة الألفية له في تاريخ الكرة، حيث سجِّل 789 هدفًا، ومرِّر 348 تمريرة حاسمة بواقع 1137 مساهمة، وكاد يكون الأوَّل في تاريخ الكرة، الذي يحرز هذا الرَّقم من المساهمات في هذا الكم من المباريات. تاريخ كبير للبرغوث، وهو الآن يحمل المنتخب الأرجنتيني على ظهره وهو في سنّ الـ35.

رغم ضعف المنافس أستراليا إلّا أنَّهم أظهروا ندِّيَّة للأرجنتينيّين، ندِّيَّة تدقّ الكثير من أجراس الإنذار لسكالوني في استكمال هذه البطولة التي تُعتَبَر الفرصة الأخيرة للأرجنتينيّين في ظل وجود ميسي.

كان للأرجنتين مشاكل كبيرة جدًا أمام المنتخب الأسترالي، الذي يديره فنيًا غراهام ارنولد الذي كان قائد المنتخب الأسترالي الذي خرج على يد الأرجنتين في تصفيات كأس العالم 1994، كأس العالم الذي أُقصيت منه الأرجنتين على يد هولندا، منافس الأرجنتين القادم في البطولة الحاليَّة.

تشكيلة المنتخبين

بدأ المنتخب الأرجنتيني اللِّقاء بخطَّة 4-3-3؛ مارتينيز في حراسة المرمى؛ مولينا، روميرو، أوتامندي واكونيه في خطّ الدِّفاع؛ في الوسط تواجد كل من دي باول، فرنانديز وماك اليستير؛ وفي المقدِّمة كلّ من ألفاريز، ميسي وغوميز.

بدأ المنتخب الأسترالي اللِّقاء بخطَّة 4-4-2؛ رايان في حراسة المرمى؛ ديجينك، سوتار، روفليس وبيهيتش في خطّ الدِّفاع؛ ليكي، باتكوس، موي وماكجري في خط الوسط؛ ديوك وايرفين في الهجوم.

تحليل المباراة

إذا نظرنا إلى أستراليا، فرغم أنَّها لم تكن مرشَّحة للفوز باللِّقاء، إلّا أنَّها أخذت الثِّقة من سوء أداء الأرجنتين، الذي نبع من غياب ليساندرو، حيث بغيابه افتقد الأرجنتين اللّاعب الذي يستطيع تمرير تمريرات تكسر الخطوط الضّاغطة والمتكتِّلة للمنتخب الأسترالي، بالإضافة إلى غياب دي ماريا الذي لطالما كان يشكِّل جبهة هجوميَّة أرجنتينيَّة ولديه الكثير من التَّفاهم مع ميسي.

بالنِّسبة للمنتخب الأرجنتيني؛ عمق الملعب كان مقفولا تمامًا، لأنَّ المنتخب الأسترالي كان يلعب في الرُّبع ساعة الأولى بدفاع منخفض دون أي نوع من الضَّغط وتكتُّل دفاعي، ولضرب هذه التَّكتُّلات أنتَ بحاجة لأجنحة متألِّقة وأظهرة داعمة هجوميًا، وبغياب دي ماريّا واختراق ميسي منطقة العمق أصبح مولينا وحيدًا على الجهة اليمنى، وبضعف أكونيه هجوميًا، وعدم قدرة غوميز على القيام بواجباته الهجوميَّة كما يجب افتقدت الحلول على الجهة اليسرى وأصبحت شبه مشلولة.

بالإضافة إلى نقاط الضَّعف التي تحدَّثنا عنها بالنِّسبة للمنتخب الأرجنتيني، فقد كان هناك مشكلتين أخريين على صعيد بناء الهجمة؛ بطء رهيب تحدَّثنا عنه في مباريات سابقة في عمليَّة بناء الهجمة، بالإضافة إلى انعدام الحركة بدون كرة، فانعدمت حلول التَّمرير أيضًا.

بهذه الحالة كان ميسي يعمل تمريرة "هات-خذ" مع دي باول أو ماك اليستير ثمَّ يحاول التَّسديد على المرمى، فالأطراف غير فعّالة على الإطلاق، العمق مقفل بسبب الكثافة الأستراليَّة، والأظهرة لا تدعم هجوميًا، فالتَّسديد البعيد كان الحلّ الوحيد في هذه الفترة من المباراة بالنِّسبة للمنتخب الأرجنتيني.

في هذه الدَّقائق كانت تراهن الأرجنتين على كرة من ميسي أو كرة من جوليان ألفاريز إلى المرمى الأسترالي.

بعد الرُّبع ساعة الأولى التي لعب بها المنتخب الأسترالي بخط دفاع منخفض، وعندما رأوا أنَّ الأرجنتين عاجزة تمامًا عن إيجاد الحلول، بدأوا بتشكيل ضغط أعلى على المنتخب الأرجنتيني، ووصلوا أكثر من مرَّة إلى مناطق المنتخب الأرجنتيني، بدأ الأستراليّين بكسب الثِّقة، وتراجع الأرجنتينيّين عن الضَّغط العالي الذي فرضوه في بداية المباراة.

بهذا الضَّغط أصبح يشكِّل المنتخب الأسترالي ضغطًا مزدوجًا على الدِّفاع الأرجنتيني، مهاجمين أستراليَّين يضغطان على قلبي الدِّفاع الأرجنتينيَّين.

بهذه الحالة واجهت الأرجنتين مشكلة أكبر على مستوى بناء اللَّعب، فمنتخب أستراليا يضغط ضغطًا ناجحًا على المنتخب الأرجنتيني، الأمر الذي اضطرَّ ميسي النُّزول إلى منطقة فريقه لاستلام الكرات، الأمر الذي أضعف خطورة المنتخب الأرجنتيني أكثر، إلى أن جاء هدف الأرجنتين الأوَّل؛ في لقطة هذا الهدف نرى أنَّ ميسي تحرَّك بدون كرة، حيث لعب المخالفة لانزو، انزو مرَّرها لأوتامندي داخل منطقة جزاء المنتخب الأسترالي، فيقوم ميسي بحركة مفاجئة وغير اعتياديَّة بدون كرة، فعند وصول الكرة لانزو تحرَّك ميسي باتِّجاه المساحة، وعند وصول الكرة إلى أوتامندي كسر اتجاه الحركة نحو أوتامندي، أخذ منه الكرة وعلى طريقة ميسي أسكن الكرة في الشِّباك الأستراليَّة.

كان المنتخب الأسترالي يراهن على الكرات الثابتة والكرات الطَّويلة باتِّجاه المهاجمين، وسوى هاتين الطَّريقتين لم يكن للمنتخب الأسترالي طريقة للوصول للمنتخب الأرجنتيني، لكنَّهم لم يصلوا إلى مبتغاهم في هذا الشَّوط.

في الشَّوط الثّاني بدأ سكالوني يغيِّر من تكتيكه، فأخرج غوميز وأدخل ليساندرو مارتينيز، بهذا التَّبديل أصبح المنتخب الأرجنتيني يلعب بخطَّة 3-5-2.

بهذه الخطَّة أصبح دي باول أكثر هجومًا وضغطًا في المناطق الأمامية، خلف ميسي والفاريز، وفي الحقيقة ضغط دي باول أثمر عن خطأ في التَّمرير في دفاع المنتخب الأسترالي الأمر الذي منح الأرجنتين الهدف الثّاني.

على الصَّعيد الهجومي أثمر هذا التَّغير إيجابًا بالنِّسبة للأرجنتين، لكن المشكلة كانت على الصَّعيد الدِّفاعي، فكانت الجهة اليسرى لمنتخب "التّانغو" عبارة عن ثغرة يخترق منها لاعبو أستراليا مناطق المنتخب الأرجنتيني ومن هذه الجهة بدأت هجمة الهدف للمنتخب الأسترالي بالإضافة إلى سوء تمركز ثلاثي الدِّفاع للمنتخب الأرجنتيني، الأمر الذي اضطرَّ سكالوني إلى تبديل الظَّهير الأيسر اكونيه بتاليافيكو.

بهذا الهدف دخل المنتخب الأرجنتيني إلى ضغط رهيب كاد أن يكلِّفهم التَّعادل الأسترالي، لكن مارتينيز أنقذ منتخب "التّانغو" في أكثر من مناسبة لتنتهي المباراة بفوزٍ صعب للمنتخب الأرجنتيني بهدفين لهدف.

على الهامش

* علامات استفهام كبيرة على أداء المنتخب الأرجنتيني رغم الفوز، فبدا واضحًا أنَّ هذا المنتخب لا يمكنه أن يتقدَّم بدون ميسي، ومع خصوم أقوى لن يكون ميسي وحده قادرًا على حمل المنتخب الأرجنتيني وحده حتّى النِّهاية.

* علامات استفهام كبيرة حول عدم إشراك ديبالا وكوريا حتّى الآن في البطولة، فإن لم تشركهما ضد أستراليا متى سيشاركان؟ وكيف سينقذونك أمام منتخبات كبرى كهولندا والبرازيل إن لم يدخلوا حتّى اللَّحظة أجواء المباريات؟

* فوز أرجنتيني صعب للغاية أمام خصم ضعيف كأستراليا ويتأهَّل بهذا الفوز إلى الدَّور القادم ضاربًا موعدًا مع هولندا في ربع النِّهائي.

* بدا واضحًا من الفرص التي أضاعها لاعبو المنتخب الأرجنتيني وخصوصًا لاوتارو أنَّ هيغوين فكرة، والفكرة لا تموت.

* تبديل غوميز وإدخال مارتينيز يمكن وصفه بجبن زائد متغلِّف بغطاء تكتيكي بالنِّسبة لسكالوني.

* سكالوني أدار اللِّقاء بشكل سيِّء تمامًا، وأهداف الأرجنتين جاءت نتيجة مجهود فردي من ميسي في الهدف الأوَّل وخطأ دفاعي أسترالي في الهدف الثّاني.

* بأداء كهذا ستواجه الأرجنتين مشاكل أكبر أمام هولندا في الدَّور القادم.

رجل الِّلقاء

ليونيل ميسي، البرغوث، في مباراته رقم 1000 في مسيرته، سجِّل هدفًا بمجهود فردي رائع، وكان بمثابة محرِّك بالنِّسبة للمنتخب الأرجنتيني، يستحق لقب رجل اللِّقاء بكل تأكيد.

التعليقات